يدين التحالف السوداني للحقوق بأشد العبارات الغارة الجوية المتعمدة والعشوائية التي شنتها القوات المسلحة السودانية على سوق مدني مكتظ في مدينة الكومة بولاية شمال دارفور، بتاريخ 1 يونيو 2025.
وقد أسفر هذا الهجوم الوحشي، الذي نُفّذ خلال ساعات الذروة التجارية، عن مقتل ما لا يقل عن 89 مدنيًا، بينهم نساء وأطفال، فضلًا عن إصابة عدد كبير آخر بجروح خطيرة. كما تسببت الغارة في اندلاع حرائق واسعة اجتاحت السوق، وأدّت إلى تدمير البنية التحتية الحيوية وسبل عيش مئات الأسر.
يمثل هذا الهجوم انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك:
- المادة المشتركة الثالثة من اتفاقيات جنيف، التي تحظر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية للأشخاص غير المشاركين مباشرة في الأعمال العدائية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب.
- ا القانون الدولي الإنساني العرفي (القاعدة 1) ، التي تُلزم أطراف النزاع على التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية.
- المادة 8(2)(ب)(1) و(2) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تُعرّف توجيه الهجمات المتعمدة ضد السكان المدنيين والأعيان المدنية التي لا تُعدّ أهدافًا عسكريةكجرائم حرب.
- اتفاقية جنيف الرابعة، التي تنص على حماية المدنيين في أوقات الحرب، بما في ذلك الحماية من الهجمات العشوائية والتهجير القسري.
إن استهداف سوق مدني، باعتباره فضاءً حيويًا لبقاء المجتمع وحياته اليومية، يُجسّد استخفافًا سافرًا بالمعايير والضمانات التي يكفلها القانون الدولي. ولا تقتصر هذه الأفعال على كونها جرائم حرب، بل قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية إذا نُفذت في سياق هجوم واسع النطاق أو ممنهج ضد السكان المدنيين.
كما يُفاقم هذا العمل الفظيع الأزمة الإنسانية المتدهورة أصلًا في السودان. ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، يشهد السودان أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، إذ نزح أكثر من 13 مليون شخص داخل البلاد، وفرّ أكثر من 4 ملايين آخرين عبر الحدود الدولية. وتُسهم مثل هذه الهجمات في موجات نزوح جديدة، وتدمير حياة المدنيين، وإعاقة الوصول إلى السلع والخدمات الأساسية.
يدعو التحالف السوداني للحقوق إلى فتح تحقيق دولي مستقل وفوري في هذا الهجوم، ويطالب بمحاسبة المسؤولين عنه بموجب القانون الدولي. كما يحثّ الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وجميع الآليات الدولية المعنية على اتخاذ خطوات حاسمة لوقف هذه الفظائع، وضمان حماية المدنيين السودانيين من المزيد من الهجمات.
كما ندعو جميع أطراف النزاع إلى الوفاء بتعهداتهم بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وإنهاء استخدام الغارات الجوية في المناطق المأهولة بالسكان، والالتزام بحماية أرواح المدنيين والبنية التحتية.
هذا ليس مجرد اعتداء على سوق، بل هو اعتداء على الكرامة الإنسانية، والعدالة، وسيادة القانون… الشعب السوداني لم يعد قادراً على احتمال يوم آخر من صمت العالم.
التحالف السوداني للحقوق- 4 يونيو 2025