أعلنت حكومة الأمر الواقع في السودان، في 6 مايو 2025، عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، متهمةً إياها بدعم قوات الدعم السريع في الحرب الأهلية الجارية، وهي خطوة تصعيدية جاءت في أعقاب حكم محكمة العدل الدولية الأخير برفض دعوى السودان لأسباب تتعلق بالاختصاص القضائي.
يعرب التحالف السوداني للحقوق عن تحفظات جدية إزاء هذا القرار، لا سيما أنه يبدو وكأنه رد فعل انتقامي على حكم صادر عن محكمة العدل الدولية، إحدى أرفع الهيئات القضائية الدولية. إن استجابة السودان بهذا الشكل تُقوّض الثقة بالمؤسسات التي سعى بنفسه إلى الانخراط معها، وتطرح تساؤلات جدية بشأن مدى التزامه بالقانون الدولي وآليات تسوية النزاعات المتعددة الأطراف.
يأتي هذا الإعلان أيضًا في ظل تصاعد التوترات في مدينة بورتسودان، حيث أثارت التصعيدات الأخيرة مخاوف من اتساع رقعة النزاع باتجاه الشرق. ويبدو أن تحرك حكومة الأمر الواقع لا يُعزى إلى دوافع سياسية مرتبطة بقرار محكمة العدل الدولية فحسب، بل يُعد أيضًا ردّ فعل على تنامي قوة وقدرات قوات الدعم السريع، التي يعزوها كثيرون في السودان إلى دعم خارجي، لا سيما من منطقة الخليج. وقد أسهمت هذه التطورات في تعميق الشعور بانعدام الأمن وإثارة الغضب الشعبي، مما دفع الحكومة إلى اتخاذ مواقف أكثر تشددًا تجاه حلفائها الإقليميين السابقين.
وفي حين ينبغي أخذ مزاعم التدخل الأجنبي على محمل الجد، فإن التعامل معها يجب أن يتم عبر قنوات قانونية، محايدة، ودبلوماسية. إن قطع قطع العلاقات بشكل مفاجئ مع طرف إقليمي، كردّ فعل على ضغوط عسكرية أو نتيجة قانونية غير مواتية، يبعث برسائل خاطئة ويُفاقم من عزلة الشعب السوداني عن مصادر دعم حيوية.
لقد ظل الشعب السوداني يستفيد من المساعدات الإنسانية الإماراتية، خاصة منذ اندلاع الحرب، حيث قدمت الإمارات إغاثة طارئة تشمل مساعدات طبية وغذائية وجسورًا جوية إلى بورتسودان ودارفور، فضلًا عن دعم اللاجئين السودانيين في شرق تشاد. كما وفرت الإمارات ملاذًا وفرص عمل وتعليم لآلاف السودانيين الذين شردتهم الحرب، مما منحهم فرصة للبقاء والاستقرار وسط فوضى الحرب.
نشعر بالقلق من أن يؤدي قطع العلاقات الدبلوماسية إلى تقويض هذا الشريان الإنساني الحيوي، وخلق تحديات إضافية للمواطنين السودانيين في الخارج.
لذا، يدعو التحالف السوداني للحقوق سلطات الأمر الواقع في السودان إلى تغليب مصلحة الشعب السوداني، من خلال الحفاظ على قنوات التعاون الإنساني والانخراط الدبلوماسي البنّاء. كما يدعو الإمارات وسائر الفاعلين الإقليميين إلى وقف أي دعم للفصائل المسلحة، وتوجيه الجهود نحو دعم مبادرات السلام الدولية الرامية إلى حماية المدنيين واستعادة الاستقرار.
في هذا المنعطف الحرج، لا يحتاج السودان إلى مزيد من العداء، بل إلى التعافي.
التحالف السوداني للحقوق، 7 مايو 2025